أجاز الله لنا التفكير حتى يمكننا استقبال مصيرنا وليس اختياره، فإما أن نصل بتفكيرنا إلي المصير الذي كتبه الله وعندها لا نواجه أي مصاعب، وإما يخطئ تفكيرنا عما اختاره الله، فإما أن نرضي بما كتبه الله مقتنعين أنه الأصح وأفضل المتاح بالنسبة لنا، بل ونفكر في حكمته من ذلك، وإما لا نرضي بهذا المصير ونظل نتحسر عما ضاع منا متوهمين أنه الأفضل لنا فتضيع منا الحياة بدون الاستمتاع بأقل حقوقنا فيها.
عندما يعجز التفكير عن الاختيار، يجب أن نرضي بأي مصير يختاره لنا الله، حيث أنه طالما وُجد العجز فقد تساوت كل الاختيارات، وقد عجزت بالفعل عن اختيار أي من المصائر التي تواجهني في حياتي، خاصةً وأنها تتطلب مني حرب من نوع ما، وقد فقدت حماسي بالفعل عن الخوض في أية حروب إنسانية من أجل الحفاظ علي شئ لم اختاره بكامل إرادتي الشخصية، حيث أنه شر لابد منه.
تتعدد الاختيارات أمامنا في ظل عدم وجود رغبة داخلية لخوض تلك التجارب، وهو ما يجعلنا نعيد التفكير بشكل دائم في إجهاض تلك التجارب حتى لا نضطر يوماً لخوض تلك الحروب التي نعتقد إنا إياها لدائماً خاسرون، تتغلف رغباتنا الداخلية بقناع من المطالب الاجتماعية التي تطالبنا بما لا نقدر عليه حقاً، مزيج خاص من الضغط النفسي، ومطالب التقدير لظروف الأخريين الشخصية التي لا تولد داخلنا إلا الانفجار القادم مستقبلاً، والذي لن نستطيع تفاديه إلا برعاية رغباتنا الشخصية التي تؤدي إلي تجاهل الأخريين.
لماذا يري كلٍ أنه الأصح، وأنه الأولي بالمتابعة، والرعاية والتقدير والحب والاحترام، لماذا يري كلٍ أنه تعرض للعديد من الضغوط التي تمنحه حق الضغط علي الأخريين، هؤلاء الصامتون الذي لا يتكلمون، بدعوى أنهم لو كانوا تعرضوا في حياتهم لمصائب جمة لما استطاعوا تحملها في صمت، أو هؤلاء الضاحكون الذين ما زالوا لهذه القدرة مالكون، القدرة علي المواجهة بتلك الابتسامة، تقطر دموع أو أحزان أو مصاعب لا يهم فإن شكلها الخارجي ابتسامة، فلنتجاهل إذا النظر لجوهرها الداخلي.
قد لا يعلمون أن ذلك الصمت وتلك الابتسامة إنما هي طريقة لمواجهة ما نراه من مصاعب، والتي يوجعنا الإعلان عنها ألم أكثر من حدوثها في الأساس، تؤلمنا تلك النظرات المشفقة، وتلك الأيادي التي تتظاهر بالعطف والحنان، والتي تربت وما تورثنا إلا إحساس العجز والانكسار، وهو ما قد يجعلنا نكره هؤلاء القريبين منا علي الرغم من كونهم لا يبغون سوى المواساة.
قد لا أعلم الهدف الحقيقي من وراء هذا الأمر إلا أني أريد فقط أن أقول لن أخوض حروب المصير فهو قادم لا محالة، إذا فلأدخر قوتي لاستقباله فقط لا غير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق